منذ تسعينيات القرن الماضي، أوجدت سلطات الاحتلال ما بات يعرف بطاقم الخط الأزرق، وهو طاقم يتبع للإدارة المدنية الاحتلالية المسؤولة عن وضع الأراضي والبناء في الأراضي الفلسطينية الواقعة أسفل الاحتلال الإسرائيلي، وتأتي تسمية الطاقم "بطاقم الخط الأزرق" لأن حدود الخرائط التي تنتجها هذه اللجنة (انظر الخارطة الجانبية للإعلان الأخير)، وهي خرائط تشير إلى أراضي تم إعلانها كأراضي دولة، تأتي ملونة باللون الأزرق.

حجة إنشاء هذا الطاقم، أو هذه اللجنة، أن دولة الاحتلال حين قامت بإعلان مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين كأراضي دولة، يمنع على الفلسطينيين استصلاحها أو استخدامها، بل تنزع ملكيتها منهم، كانت دولة الاحتلال تفتقر إلى الإمكانيات التكنولوجية، والخرائط المتطورة، لكن، ومنذ تسعينات القرن الماضي، ادعت دولة الاحتلال أنها قامت بإيجاد هذه اللجنة حتى تراجع الإعلانات السابقة وتقوم بإعادة أراض إلى أصحابها، وبالطبع مصادرة أراضي جديدة.

ينحصر إذن عمل طاقم الخط الازرق فياعادة ترسيم "الاراضي الفلسطينية التي جرى مصادرتها في الماضي عبر آلية إعلانها اراضي دولة تحت ذريعة التوقف عن زراعتها مدة من الزمن، او لكونها وعرة، وغير قابلة للفلاحة.

جزء من هذه الاراضي خصصتها سلطات الاحتلال لاقامة مستعمرات، ومع توسع المستعمرات فإن الكثير من هذه المستعمرات تمددت خارج مخططاتها التنظيمية القائمة بل وحتى خارج ما يعرف بمنطقة نفوذ المستعمرة وامتدت لتصل الاراضي الفلسطينية الخاصه خارج منطقة نفوذ المستعمرة.

وتكمن خطورة هذا الترسيم أو دراسة حدود الأراضي المعلنة كأراضي دولة في كونها لا يحق لاحد الاعتراض عليها في المحاكم الإسرائيلية، بالرغم أن الإعلانات الصادرة من طرف الاحتلال الإسرائيلي تتيح حق الاعتراض في فترة زمنية تصل إلى 45 يوماً، لكن تجربة الفلسطينين في هذا السياق، والمستمدة من القاسم المشترك لنتائج مسح طاقم الخط الازرق تشير وكما تبين الخرائط- الى ان المساحة الكلية المعلنة في امر الاعلان القديم تبقى تقريبا كما هي، او مع اختلاف محدود نسبياً، ولكن الاخطر هو انه يتم ادخال مساحات جديدة في خارطة الترسيم الجديد بحكم انها ذات اهمية استراتجية لتوسع المستعمرات المستقبلي.

مقابل اخراج مساحات مشابهة تقريباً من حيث عدد الدونمات ولكن الاهم هو ان الاراضي التي يتم اخراجها من قرار اعلان الدولة، لا يستطيع اصحابها الوصول اليها، ولا يستيطعوا حتى تسجيلها تسجيلاً مجدداً في قيود الاراضي لصالحهم، بحكم ان مجرد كونها غير قابلة للفلاحة او ان المساحة غير القابلة للفلاحه تزيد عن نسبة 50% من مساحتها الكلية، فهي تعتبر اراضي دولة حتى لو لم يسبق ان تم الاعلان عنها كاراضي دولة.

والاخطر ايضاً، أنه في حالات كثيرة فإن الكثير من المساحات التي يتم اخراجها هي في الواقع جزء من المناطق المقامة عليها ابنية المستعمرات وبالتالي لا تعود إلى أصحابها.

 

وبعد انقطاع دام لأكثر من عامين عادت لجنة الخط الأزرق، أو طاقم الخط الأزرق المخصص لهذا الشأن للاجتماع في آذار الحالي من أجل مراجعة الحدود المرتبطة بمحافظة الخليل، وعلى إثرها قامت بتغيير حدود منطقة معلنة كآراضي دولة منذ العام 1982، التغيير قام بإخراج أراضي من الإعلان، وقام بإضافة مساحات أراضي اخرى للإعلان، المنطقة المستهدفة في محافظة الخليل وتحديداً منطقة يطا/ سوسيا/وادي السويد، المساحة التي تمت عملية إخراجها 10 دونم وهي الملونة باللون الأصفر، في حين كانت المساحة التي تمت عملية مصادرتها وإضافتها إلى الأمر السابق تبلغ 19 دونما وهي معلمة باللون الأحمر، في حين أشارت الخارطة أن مجمل المساحة المعلنة في العام 1982 تبلغ مساحتها 90 دونماً.

يشكل هذا النموذج إطاراً واضحاً لما يمكن أن ينتج عن اجتماعات هذه اللجنة من إمعان في مصادرة الأراضي، فهي من جهة تثبت عمليات مصادرة سابقة، تدعي دولة الاحتلال انها افتقدت إلى الدقة نظراً لانعدام امكانياتها (انظر الخارطة الجانبية لمصادرة من العام 1982)، ومن جهة أخرى تقوم بإضافة أراضي أخرى للاعلانات السابقة، والأهم من ذلك، أنها تمنع على المواطنين الوصول إلى الأراضي التي أفرجت عنها، بحجة وجود أبنية أقيمت بحسن النية، وبالتالي لا تتنازل دولة الاحتلال عنها أيضاً، لتبقى الأمور في ذات الدوامة، مصادرة إلى الأبد.

* نشر أول  في ألترافلسطين