2 تشرين ثاني، 2023: يوجد إجماع بين فقهاء القانون الدولي على تصنيف جريمة التهجير القسري (forcible transfer) من حيث المبدأ بما تعنيه من تهجير او إبعاد (deportation) لشخص أو أكثر، لدولة أخرى أو مكان آخر، كجريمة حرب، رغم أن البعض منهم رأى في هذا الانتهاك الجسيم لقواعد القانون الدولي الانساني جريمة ضد الانسانية لاحتوائها في الغالب على تدمير أو مصادرة للممتلكات بشكل واسع لا تبرره الضرورة العسكرية . وقد افرد القانون الدولي الانساني تقنينا واضحا لهذه الجريمة حمل النص التالي:
"يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضيي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه" .
تنفيذ جريمة التهجير القسري لا يأخذ بالضرورة شكل العنف المباشر، فقد حددت الغرفة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ان مصطلح "قسري" يمكن ان يشمل القوة المادية، بالاضافة الى التهديد باستخدام القوة، أو الإكراه الناتج عن الخوف من استخدام العنف، الإجبار، الاعتقال، القمع النفسي، او اساءة استخدام القوة، او فعل الاستفادة من البيئة القسرية.
وأوضحت ذات الغرفة بان معيار القسر هنا هو غياب الاختيار الحر للضحية. وعليه فان موافقة اشخاص على التهجير أو حتى مطالبتهم به يجب ان تأتي نتاج اراداتهم الفردية الحرة وان يتم تقديرها في ضوء الظروف المحيطة بكل حالة. كذلك فان تدخل المؤسسات غير الحكومية لتسهيل التهجير او توقيع اتفاقيات بين الاطراف السياسة او العسكرية او اي ممثلين عن اطراف النزاع لا يضفي اية صبغة قانونية على هذا التهجير اللاقانوني، لان موافقة الافراد الحرة هي المعيار هنا .
نوثق في هذا الجزء من التقرير عمليات الترحيل القسري التي سببتها إجراءات فرض البيئة القهرية الطاردة التي أمعنت دولة الاحتلال من خلال إجراءاتها المباشرة ومن خلال إرهاب مليشيات المستعمرين بفرضها على المواطنين الفلسطينيين في هذه المناطق.
رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومنذ مطلع شهر تشرين أول، وتحديداً بعيد السابع من الشهر أي بعيد بدء العدوان على شعبنا تصاعد اعتداءات وتهديدات المستوطنين المسلحين، في استغلال فاضح للحرب المستعرة على قطاع غزة، وفي استغلال للتركيز الإعلامي على القطاع وغيابها إلى حد ما عن الضفة الغربية والقدس، والأهم استغلال قوانين الطوارئ والحرب التي فرضتها دولة الاحتلال والتي تحمي مجرمي المستعمرين من المسائلة والعقاب.
في الفترة المرصودة في هذا التقرير أدت إجراءات الاحتلال إلى تهجير 9 تجمعات فلسطينية بدوية تتكون من 100 عائلة تشمل 810 أفراد من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى.