تضاعف عمليات الهدم والمصادرة في الضفة والقدس بنسبة 450% العام الجاري مقارنة بالعام 2015
تضاعف عدد المستوطنين والمستوطنات بنحو600% منذ توقيع اتفاق أوسلو
تضاعف بيع وتسويق الوحدات الاستيطانية بنسبة 850% العام الجاري مقارنة بالعام 2015
إسرائيل تستغل بالكامل 63% من الضفة وهي المناطق (ج) للاستيطان ومعسكرات الجيش والمحميات
رام الله 12-7-2016 وفا- بلال غيث ودعاس ذياب
تشير الهجمة الاستيطانية المسعورة التي تقودها حكومة إسرائيل في الأرض الفلسطينية، وكثافة قرارات الاستيلاء والمصادرة للأراضي، وعطاءات البناء المحمومة، إلى أن إسرائيل اقتربت كثيرا من إقامة دولة المستوطنين إلى جانب دولة إسرائيل.
كان من المفترض أن تعلن الدولة الفلسطينية بعد خمس سنوات من توقيع اتفاق أوسلو في الثالث عشر من سبتمبر عام 1993، ولكن الحقيقة تشير إلى أن إسرائيل ضاعفت نشاطاتها الاستيطانية بوتيرة عالية، وأنشأت مدنا وتجمعات للمستوطنين بنفس الوتيرة التي عملت من خلالها على هدم منازل الفلسطينيين وحرمانهم من التوسع.
وفي هذا السياق قال مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية غسان دغلس، إن الاستيطان تضاعف بنسبة 600%، منذ توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993 وتبدل الحكومات الإسرائيلية، وأن تواصل الاستيطان يؤكد على أن الكل متفق على تهويد الأرض الفلسطينية وتوسيع الاستيطان الإسرائيلي بعد قتل إسحق رابين، فالأمن الذي يحكم إسرائيل واللوبي الصهيوني في الخارج متفقون على إقامة دولة للمستوطنين بالضفة الغربية لذلك علينا أن نعمل على تعزيز صمود المواطن بشكل حقيقي وأن تأخذ فصائل العمل الوطني دورها في المقاومة الشعبية.
وأشار إلى تضاعف عمليات الهدم والمصادرة في الضفة والقدس بنسبة 450% العام الجاري مقارنة بالعام 2015، وإلى تضاعف عدد المستوطنين والمستوطنات بنحو 600% منذ توقيع اتفاق أوسلو، وإلى تضاعف بيع وتسويق الوحدات الاستيطانية بنسبة 850% العام الجاري مقارنة بالعام 2015، وإلى أن إسرائيل تستغل بالكامل 63% من الضفة وهي المناطق (ج) للاستيطان ومعسكرات الجيش والمحميات.
وحسب إحصائيات مؤسسة المقدسي لتنمية المجتمع هدمت سلطات الاحتلال منذ العام 1967-2000 نحو 500 مبنى، وخلال الفترة 2000- 2014 تم هدم 1,342 مبنى في القدس (ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته إسرائيل عنوة بعيد احتلالها للضفة الغربية في عام 1967) ما أسفر عن تشريد ما يقارب 5,760 شخصاً.
وتشير البيانات إلى تزايد وتيرة عمليات الهدم الذاتي للمنازل في القدس منذ العام 2000 حيث أقدمت سلطات الاحتلال على إجبار 340 مواطناً على هدم منازلهم بأيديهم خلال الفترة 2000-2014.
ووفق، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 'أوتشا' بمدينة القدس المحتلة، قامت قوات الاحتلال منذ بداية العام الجاري (2015)، بهدم ما مجموعه 417 مبنى في الضفة الغربية بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس، ما أدى إلى تهجير 495 فلسطينيا من بينهم 277 طفلا.
من جانبه، قال مدير معهد الأبحاث التطبيقية القدس (أريج) جاد إسحاق إن ما تخطط له إسرائيل هو دولتين ولكن على نفس المكان في الضفة الغربية، بمعنى أنه من مساحة الضفة الغربية إسرائيل تخطط إلى أن تعطي المستوطنين حوالي 75% من المنطقة (ج) وهذه بالمجمل تحول الدولة الفلسطينية إلى معازل وكنتونات تغطي حاليا ليس أكثر من 50% من الضفة الغربية.
وبين إسحاق أنه بالنسبة لتصاعد عمليات الهدم زادت 4 أضعاف منذ بداية العام حتى الآن وحصل تغير غير طبيعي في عمليات الهدم، وأنه بين أول كانون ثاني ومنتصف الشهر الماضي إسرائيل هدمت 276 منزلا و348 منشأة، مقابل 108 بيت و59 منشأة في العام 2015 ما يعني زيادة نسبة هدم المنازل بنسبة 155 % مقارنة بالعام الماضي، و481%في نسبة المنشآت مقارنة بالمنشآت، وكان التركيز في القدس ونابلس والخليل.
وقال إن هذه النسب تؤشر لوجود حملة لتثبيت مفهوم الكتل الاستيطانية وإقامة دولة للمستوطنين في الضفة الغربية وخير دليل على ذلك ما حدث في منطقة (أي ون) بمعلي أدوميم حيث تم إخلاء كل البدو من المنطقة.
ولفت إسحق إلى إن ما يجري في القدس هو عملية تفريغ من الفلسطينيين، ولم يعد هناك مناطق في القدس مثل الشيخ جراح وادي الجوز بها فلسطينيين بل أصبحت حاليا تشهد تواجدا إسرائيليا متواصلا ويجري كل يوم اقتطاع منزل أو الاستيلاء عليه أو هدم منزل بهدف تثبيت عملية تهويد القدس، فما يجري عملية تهويد تحت نظر العالم ومن طرف واحد من قبل إسرائيل والعالم يقف ساكنا ولا يحرك شيئا، فهم يمنحون تراخيص لوحدات سكنية بمعدل 143 وحدة سنويا بينما حاجة أهالي القدس 2000 وحدة، وهذا دفعهم للبناء في المناطق القريبة من القدس مثل الرام والعيسوية وتحولت هذه المناطق لمستودعات بشرية بكثافة سكانية عالية، مثلا في منطقة كفر عقب تجاوزت 50 ألف مواطن في المتر المربع الواحد وهذا أمر غير طبعي ولا توجد خدمات يمكن تقدميها للمواطنين في ظل هذا الوضع.
وفي موضوع الاحصائيات قال إسحق إنه منذ عام 2000 وحتى نهاية الشهر الماضي وصل عدد البيوت المهدومة 3979 منزلا في الضفة الغربية.
وهدمت سلطات الاحتلال منذ عام 1967 وحتى نهاية عام 2015 أكثر من ألفي منشأة سكنية وغير سكنية، ما أسفر عن تشريد آلاف الفلسطينيين، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من نصف الذين تم تشريدهم هم من النساء والأطفال.
ومنذ بداية العام الحالي وحتى منتصف شهر فبراير/شباط 2016، هدمت سلطات الاحتلال 17 منشأة سكنية وغير سكنية، ما أسفر عن تشريد عشرات العائلات.
إن تكاليف الحصول على ترخيص للبناء في مدينة القدس يعتبر من الأغلى ثمنا بين دول العالم والأطول وقتا، حيث يتراوح معدل السنوات للحصول على ترخيص بين 8 و12 سنة، أما في ما يتعلق بتكلفة الترخيص المالية فإنه يختلف من منطقة إلى أخرى.
وعليه فإن معدل ترخيص شقة سكنية بمساحة 110 أمتار مربعة يتراوح بين ستين ألف دولار أميركي وسبعين ألفا، ناهيك عن بعض الضرائب والرسوم التي يتوجب على المواطن المقدسي دفعها بعد عملية البناء.
وتطرق إلى المخطط الإسرائيلي الخطير الذي تقوم به الادارة المدنية الاسرائيلية ممثلة بما يُطلق عليه بفريق “الخط الازرق” والذي تمثل بمسح وتسجيل 62,000 دونم من الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية كأراضي دولة لأغراض التوسعات الاستيطانية، يضاف ذلك إلى مصادرات ما يسمى “أراضي دولة” وخاصة الأمر العسكري الإسرائيلي الصادر في شهر اذار من العام 2016 والذي يصادر 2343 دونما من الاراضي الفلسطينية الواقعة الى الجنوب من مستوطنة الموج الاسرائيلية في محافظة أريحا، بالإضافة الى الأمرين العسكريين الصادرين في شهر نيسان من العام 2016 واللذين يصادران 1160 دونما من الأراضي الفلسطينية لذات الغرض في كل من قرية الزاوية في محافظة سلفيت وقرية سنيريا في محافظة وقلقيلية.
وعليه فقد بلغت مساحة الاراضي الفلسطينية التي تمت مصادرتها خلال الفترة ما بين شهر كانون الثاني 2016 ومنتصف شهر حزيران، 7773 دونما، أي بزيادة قدرها 439% عن العام 2015 خلال الفترة ذاتها والتي بلغت 1442 دونما, كان أبرزها في كل من محافظات أريحا وبيت لحم وسلفيت بواقع 3887 دونما و1366 دونما و1160 دونما على التوالي.
من جانبه، قال وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان وليد عساف، إن حكومة اليمين المتطرف التي تقود إسرائيل، دمرت أراضي الدولة الفلسطينية، وعزلت شمال الضفة عن جنوبها ووسطها بحواجز عسكرية تحولت إلى ما يشبه المعابر، واستباحت كافة الأراضي بما فيها تلك المصنفة (أ)، وفي نفس الوقت تمنع الفلسطينيين من استغلال ما مساحته 63 % من أراضي الدولة الفلسطينية لوقعها في مناطق مصنفة (ج).
وأضاف أن الاستيطان يعني نهب الأرض ظاهرها وباطنها، ورهن كل ما عليها، تسهيلات للمستوطنين وتعقيدات أمام أية إضافة على بناء قائم للفلسطينيين، يلاحق الفلسطينيين على مساكنهم رغم بساطتها وتهدم بركساتهم وخيمهم عشرات المرات ويتم الاعتداء على الناس بكل الوسائل، فيما ينعم المستوطنون بكل شيء بلا مقابل، مياه وفيرة وأراضٍ زراعية خصبة، وشبكات طرق بأحدث المواصفات، وذلك على حساب أصحاب الأرض الأصليين.
وبين أن إسرائيل تملك الخبرة الكافية للهروب من أية استحقاقات للفلسطينيين، هي تفتعل الأزمات كلما اقترب استحقاق فلسطيني، وفي نفس الوقت تسابق الزمن للسيطرة على الأرض بعد سرقتها من أصحابها، من يسير بين مدن الضفة الغربية يدرك مباشرة حجم المأساة الناتجة عن الاستيطان حتى اللافتات العربية تم تغييرها بأخرى عبرية كتب عليها أسماء المستوطنات بدلا من أسماء البلدات والقرى الفلسطينية.
وقال عساف إن مقومات البنية التحتية داخل التجمعات الاستيطانية وخارجها وحجم الانفاق الحكومي على شق شبكات الطرق الرابطة بين المستوطنات إلى جانب شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، توضح ما يجري وكأنه تأسيس كيان جديد للمستوطنين.
ولفت عساف إلى أنه بعد عقدين ونيف من توقيع هذا الاتفاق، باتت مدينة القدس أقرب إلى التهويد والأسرلة بفعل سياسة الاستيطان وبناء الجدار وإغلاق المؤسسات الفلسطينية وفي مقدمتها "بيت الشرق"، في وقت أصبح فيه، المسجد الأقصى في عين العاصفة الإسرائيلية، بسبب ما يتهدده من محاولات للسيطرة عليه، من قبل جماعات التطرف اليهودية الناشطة في مجال بناء الهيكل.
وقال: "لقد نجحت إسرائيل في تغيير الخارطة الجغرافية للقدس المحتلة، وبعد مرور أكثر من عقدين على هذا الاتفاق، فقد ضاعفت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
كما شيّدت جداراً عنصرياً حول القدس، يقول عساف وهي المدينة التي باتت عبارة عن معازل و"غيتوهات"، وأصبح أكثر من 120 ألفاً من سكانها، خارج حدودها البلدية، في حين قفزت المساحة الإجمالية من الأرض التي سيطر عليها الاحتلال، إلى أكثر من 36%، وحددت على نحو كبير المساحات المخصصة للبناء الفلسطيني، في مقابل بناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية، إذ يخطط الاحتلال حتى العام 2020 لبناء 58 ألف وحدة استيطانية، شيّد الجزء الأكبر منها، في العقدين الماضيين.
وتحدث عساف عن التطهير العرقي للسفوح الشرقية للأغوار وتمتد من مسافر يطا إلى سفوح بيت لحم والقدس ورام الله وأعلنت إسرائيل عن تجميع البدو الموجودين في هذه السفوح في 3 مناطق بهدف إخلاء منطقة ج من السكان تمهيدا لضمها لإسرائيل، بعد إقامة الكتل الاستيطانية الكبرى وعزل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض وتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى كنتونات، وكذلك تهدف الحكومة المتطرفة الحالية لتسريع الكتل الاستيطانية الحالية غير المعترف بها على أراضي فلسطينية خاصة، كذلك الاستمرار في عزل مدينة القدس بشكل كامل وتقسيم المسجد الأقصى.
ووفقا للمعلومات واعتبارا من تاريخ الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول من العام 2015، بلغ تعداد المستوطنين ما يزيد عن 765 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية.
وحسب مركز الدراسات العربية في القدس، كان عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عند توقيع اتفاق أوسلو 105 آلاف، وفي 2013 بلغوا نحو 600 ألف مستوطن، كما بلغ عدد المستوطنين في القدس الشرقية المحتلة في العام نفسه أكثر من 200 ألف، وهو عدد يقترب من عدد المقدسيين الذي يبلغ 280 ألفاً.
وتفيد البيانات نفسها بشأن نسب النمو الطبيعي للمستوطنين في الضفة الغربية، أن هذه النسب أعلى بثلاث مرات من نسبة اليهود في الدولة العبرية، وأكثر من نسبة الزيادة في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث وصلت نسبة النمو في صفوفهم إلى 5.8% عام 2012، في حين تبلغ نسبة النمو الطبيعي في إسرائيل 1.8%، وفي صفوف الفلسطينيين 2.9%، أي ضعف نسبة النمو في صفوف الفلسطينيين، ما يؤشر إلى حجم الاستهداف الذي تتعرض له أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويشير التقرير الذي أوردته نشرة صادرة عن "المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان" في رام الله، إلى أن الاحتلال يستولي على 62% من مساحة الضفة الغربية، وهي مناطق وأراضٍ غنية بالموارد الطبيعية، ويَمنع الفلسطينيين من استغلالها من أجل الاستثمار، كما يخصص الاحتلال ما نسبته 39% من المناطق "ج" لبناء المستوطنات، وحوّل نحو 20% من المناطق ج إلى معسكرات للجيش، وهي مناطق مغلقة بشكل كامل، ويحظر على الفلسطينيين الاقتراب منها، بينما تم تخصيص نحو 13% من المناطق(ج)، لإقامة محميات طبيعية، في ظل تضاعف عمليات بيع وتسويق الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة منذ بداية العام الجاري بنسبة 865%مقارنة بالعام الماضي.
في هذا السياق كشف التقرير السنوي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية 2014، وهو أحدث التقارير في هذا الخصوص عن سرقة إسرائيلية "علنية" للموارد الطبيعية من الضفة الغربية، خاصة في الأراضي المسماة بالمناطق (ج)، ما يحرم الفلسطينيين من 3.5 مليارات دولار سنوياً موارد تلك المناطق.
مقومات البنية التحتية داخل التجمعات الاستيطانية وخارجها وحجم الانفاق الحكومي على شق شبكات الطرق الرابطة بين المستوطنات إلى جانب شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، توضح ما يجري وكأنه تأسيس لدولة جديدة للمستوطنين.