تظهر الرسوم البيانية التوضيحية المرفقة، التي أعدتها الإدارة العامة للتوثيق والنشر، تصاعداً هائلاً في مستوى الاعتداءات التي نفذتها دولة الاحتلال بشقيها (الجيش والمستعمرين) بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، نرصد في هذا الخلاصة السريعة أشكال هذا التصاعد، في الفترة المرصودة منذ مطلع العام 2023، وكذلك نرصد اعتداءات المستعمرين ما بين الأعوام 2015-2023 (وتحديداً حتى نهاية شهر تشرين أول تحديداً).
وتشير المعطيات المرصودة أن العام 2023 أصبح يشكل علامة فارقة في توغل وتصاعد هذه الاعتداءات، إذ أن تصاعد الاعتداءات لم يتوقف عند حدود المستويات الإحصائية الرقمية التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تصاعدها وانفلاتها، بل أخذ هذا التصاعد منحنيات خطرة، تدلل مؤشراتها على عناصر هذا الخطر، والتي تتمثل بسهولة إطلاق النار على المواطنين سواء من قبل الجيش أو المستعمرين (200 شهيد منذ بدء العدوان على شعبنا في السابع من اوكتوبر، منهم 9 شهداء على يد مستعمرين في هذه الفترة)، وبما ترمي إليه هذه الاعتداءات، باعتبارها تهدف إلى إحداث ترحيل قسري للتجمعات الأكثر هشاشة وتحديداً في السفوح الشرقية من الضفة الغربية، بالإضافة إلى فرض حالة من الإرهاب والكسر النفسي للمواطنين الفلسطينيين، بإشاعة حالة الرعب وتحديداً للمتنقلين في شوارع الضفة الغربية التي أصبح المستعمرون يرسخون حالة "الاحتكاك الخطر" مع المواطنين.
ولعل الناظر إلى تسلسل معدلات الاعتداءات منذ مطلع العام 2023، سيشهد هذا التصاعد المحموم، ويمكن فهم هذا التصاعد وفق مجموعة من العوامل، أولها: الشعارات المعلنة للحكومة الفاشية التي جرى تشكيلها مطلع العام، بوصفها الأكثر تطرفاً، والأكثر وضوحاً في مسألة فرض الوقائع الجديدة على أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس، وما لحق هذه الشعارات من إجراءات حقيقية على الأرض، منها توزيع السلاح الجنوني على مليشيات المستعمرين (أكثر من 26 ألف قطعة تجري عملية توزيعها بموظبة هذه الأيام في مراسم إرهابية)، ثانيها: أن فرض الوقائق على الأرض من خلال ترسيخ السيطرة بجملة الأوامر العسكرية، وما تتطلبه هذه الإجراءات من سلوك الجماعات والمليشيات الإرهابية التي تحاول، وبتوافق مع المستوى الرسمي، أن تردع وتكبح جماح الرفض الفلسطيني الشعبي والرسمي لهذه الإجراءات (أكثر من 50 ألف دونم، جرت عملية مصادرتها تحت مسميات مختلفة، واكثر من 13 بؤرة استعمارية صغيرة جرى إنشاؤها حتى اللحظة بالإضافة لدراسة أكثر من 14 ألف وحدة سكنية منذ مطلع العام 2023 فقط).
هكذا تتوافق المعطيات المرتبطة بالانتهاكات والاعتداءات التي تنفذ وفق سلوك إرهابي يرتقي لمستويات مؤكدة من جريمة الحرب، بتناغم شديد مع سلسلة إجراءات استعمارية تصادر الأرض ولا تتوقف عند حد معين، بل تتدحرج مثل كرة النار.